يطاردني الحب هذا الصباح! د
د
د
ما بين صباح مبكر جدا على ان تترائى فيه خيالات اول اعتراف بالحب ... و بين قراءة تعطلت اكثر من مرة لرسائل عاشق استباحت حبه من لم تحبه يوما كما استحق بعد أن قتله الأعداء .. و ما بين صوت حليم و أم كلثوم! د
د
لم يتأتى لي ترتيب كل ذلك مسبقاً فقط بدأ الصباح بتلك الرؤى فقرر اليوم أن يستكمل ساعات النهار على هذا النسق. د
د
لا أشكو شيئا .. فلا شيء لدي ضد الحب! و لكني .. أشكو الذكرى .. ماذا بوسعي الآن أن أفعل بعد أن فرضت نفسها على سطح العقل؟
د
حين أستدعي الأحداث الآن، أجد أن الذكرى بدأت تحرشها بي منذ البارحة مساء وليس فجراً .. حين قرأت كلمات "كَتَبَتْها" إليه تغني له أغنية "مطربتنا" المفضلة .. ابتسمت لتشابه الأذواق مع اختلاف الأشخاص و الظروف .. فكرت أن الأغنية حقا جميلة و تستحق .. تصورت "إن كنا استمرينا هل كنت لأكتب اليه نفس الكلمات" و عدت لأبتسم أننا لم نستمر .. و أخذني عقلي بعيدا عن مسار الذكرى لمسارات أخرى أقل جموحاً و أخف وطأة
و فجراً ... حين استكنت نصف واعية أحاول الاستيقاظ، بالتلهي في جريدة و في صور التلفاز .. باغتني جرس الذكرى مرة أخرى .. منبهاً موقظاً ... حين ترائت امامي لحظة اعتراف اولى بالحب .. و رغم القالب الكوميدي الذي اندست فيه تلك الصورة و رغم اصوات الضحكات الملفقة التي غلفتها .. إلا ان كل ما ارتبط باللحظة من مشاعر قد ايقظ عقلي تماماً و صرت واعية للذكرى بكل ما امتلكت من حواس
د
تذكرت .. كيف يكون الحديث في بدايته عادياً و مسلياً حتى .. يبدو كحديث لا ينتوي شيئاً .. لا ينتوي أن يُغير - بعد قليل - في حياتك .. بل وفي روحك .. يبدو حديثا مسالماً بريئاً ... حتى يتلفظ الحبيب بتلك الأحرف .. التي تخرج من بين شفتيه مرتبكة .. متلعثمة .. لا تكاد تُسمع .. تتجسد امام عينيك كطفل صغير يحاول النطق .. يحاول ان يخبرك أنا هنا .. بجبين مندى بحبات الخجل .. و عيون زائغة لا تقوى على مواجهتك ... ترى الأحرف القليلة تسبح حولك فتقلب الكون المزدحم فضاءاً .. يصير الهمس أعلى صوتاً من الضوضاء المحيطة بك .. يُصمِت العالم من حولك فلا تسمع إلاه .. د
د
تشعر في اول وهلة انك لم تسمع صحيحاً.. ثم أنك لم تفهم .. ثم أنك لا تصدق .. ثم أنك لا تستطيع التنفس فجأة .. صار الهواء حروف كلماته .. و خلا عقلك الا منها .. يحاول ان يحولها لاشارت عصبية تأتي بأي رد فعل عليها .. إلا ان جسدك يأبى .. د
د
تحملك الحروف كرحم تسبح فيه آمناً فكيف لك من حراك؟! تملأ سمائك و جّوك فكيف لك ان ترى؟! تختفي اللغة من عقلك و من فوق لسانك فكيف لك أن ترد؟! كيف تأتي برد فعل و أنت مولود من توِّك .. بل مخلوق من توِّك .. تستقبل الدنيا من توِّك .. تتلمس الدنيا الجديدة المرسومة في وجه محبوب اعترف لك بوجودك من توِّك؟
و حين تتلاقى العينان لأول مرة في هذه الدنيا الجديدة .. في صمت الكون حولكما .. أقصد بينكما .. (أي كون أقصد سواكما؟!) يظل رَجع الأحرف الصغيرة يتردد و كأن ليس في اللغة سوى تلك الكلمات .. تفضحك فجأة عيناك .. و تخذلك ابتسامتك .. و تنطلق من قلبك صرخة الولادة في قلب حبيبك لأول مرة .. فتهمس باعترافك ... تخونك يداك و تنصهر لهفة لضمته .. و تخفق روحك أن تتماسك الا بين أضلعه
د
آاااه .. يالها من ذكرى تلك! كيف تعود بكل تلك الحياة و الحيوية رغم موت الموقف و أصحابه؟ أنحيها جانبا بابتسامة .. و أندهش ... هل حقاً مازلت املك تلك الفرحة؟ هل لازال بامكانها ان ترسم على وجهي ابتسامة حتى لو كانت ذكرى و خيالات لرؤى تلفازية؟ ابتسمت لشديد برائتي هذا الصباح و انطلق منتعشة في طريقي
حتى تقابلني مرة أخرى كلمات "مطربتي" المفضلة تسألني و تذكرني .. ألا تخافين مروق الشوق بجوارك بهدوء و لا تعيريه انتباها؟ ألم تعودي تخافين؟ أستواتيكي الجرأة مرة أخرى أم سيظل الخوف يحكمك و يقتل الفرحة المنتظرة داخلك؟
د
أفكر قليلاً ... هل أومن مرة أخرى؟ هل .....؟
د
و مع صوت حليم و ثوما .. و مع كلمات حب حقيقي لم يمت مع رصاص الغادرين .. أرد الآن و أقول .. ربما ... من يدري؟
د
د