عشوائية

أتساءل: ما الذي تفعله امرأة تشعر انها بالصدفة، بالصدفة المحضة، بقيت على قيد الحياة؟ كيف تسلك في الدنيا إن كان وجودها، كل السنين والشهور والأيام واللحظات الحلوة والمُرّة التي عاشتها، فضلَة حركة عشوائية لقدر غريب؟ كيف تسلك في الدنيا؟"


د. رضوى عاشور

Friday, September 18, 2015

في انتظار الشمس


"Let someone love you just the way you are – as flawed as you might be, as unattractive as you sometimes feel, and as unaccomplished as you think you are. To believe that you must hide all the parts of you that are broken, out of fear that someone else is incapable of loving what is less than perfect, is to believe that sunlight is incapable of entering a broken window and illuminating a dark room."  
- Marc Hack



أليس هذا بصحيح؟! ألست تنتظرين الشمس؟

هل تشككين بقدرة الشمس على نشر النور؟ وهل يغلب الظلام الشمس؟

حتى وإن طال الليل... لا بد لها من شروق.. لا بد لكِ من نهار.. 


يا رب



اللهم لا تعلق قلبي بما ليس لي
واجعل لي فيما تحب نصيب
واكفني بفضلك وعلمك ورحمتك شر وعد كاذب وأمل زائف وكل ما ظهر وكل ما بطن ولا يرجى منه خير

آمين آمين آمين

Tuesday, September 15, 2015

سبعاويات في خمس سنوات

من خمس سنين زي النهاردة انا كتبت شوية الحاجات دي
من فترة كده، جت قدامي، ولقيت قسم الأمنيات تحديدا اتحقق منه كام حاجة كده.. ما كنتش مصدقة! 

اترسمت على وشي ابتسامة كده، وحسيت بشوية رضى زيادة.. فيه حاجات بتتحقق. يمكن مش بناخد بالنا انها اتحققت عشان بنتعب في تحقيقها. ويمكن مش بناخد بالنا انها اتحققت عشان بتبقى محتاجة شوية خطوات كمان عشان تكمل او تخلص.. لكن بتيجي.

القريبين مني أوي هم اللي هيعرفوا ايه اللي اتحقق من الأمنيات دي.. وايه اللي لسه ماتحققش منه ولا خطوة.. وايه اللي ابتدا يحصل بس لسه ما كملش.. وايه اللي بدأت الخطة تترسم له بس لسه ما أخدتش ولا خطوة.. 

وخليني ابتدي معاكم قائمة امنيات جديدة.. مع ابديت للقديمة كمان.. ولو لنا نصيب، هانرجع نتقابل هنا تاني بعد خمس سنين تانيين، ونبص عليهم بصة.. ونضحك شوية كمان.

قائمة 2010 - ابديت


المدى القصير(من 6 شهور لسنة):


- أخلص جزء كبير من الكتب اللي عندي قبل المعرض الجاي
*تسمع أصوات ضحك في الخلفية لأنه ببساطة، مستحيل!*
دول وصلوا 470 كتاب! حتى لو استقلت من الشغل وتفرغت للقراءة مش هالحق أخلصهم! D: 


- آخد صور تحت المية بنفسي وتطلع حلوة
* حصل وكنت باصور زميلة غطس احتفالا بغطستها رقم 100 والصورة طلعت واضحة وحلوة.. بس كنت مرعوبة الكاميرا تقع من ايدي وتضيع! D: 


- أرجع ألعب رياضة/أو أبدأ اتقن العوم
* حصل فعلا.. واشتركت في جيم سنة.. وبعدين الجيم قفل، فأنتخت! D: لكن مؤخرا رجعت أمشي كتير وأتريض مع مفاجأة في أمنيات 2015.. ما أتقنتش العوم للأسف، بس الحمدلله ما رجعتش أخاف من البحر تاني :)


- أصلح فُلة واوديها تتغسل وتتعمل بالواكس وأسدد أقساطها نهائيا
* فلة مازالت محتاجة تتصلح D: مش من ساعتها يعني، بس أهي الدنيا ملطشة معاها زي ماهي ملطشة مع أمها (أنا).. بس أصيلة ومستحملاني برغم كل شيء وما خذلتنيش الحمدلله.. ربنا يبارك لي فيها ويكفينا شر الطريق.. لكن؛
الجميل اني في نفس السنة، 2010، ربنا كرمني وسددت أقساطها كلها فعلا :) وفي مدة أقل من الوقت اللي كان المفروض يتسدد فيه القرض بتاعها..  تلات سنين بدل خمسة.. لله الفضل والمنة.. ومن فلة وقرضها اتعلمت درس مهم، ربنا هو اللي بيسدّ ديوننا، مش الفلوس! الفلوس ممكن تبقى في ايدك، لكن تجي لها مصارف أهم او طارئة أكتر.. فإن يبقى في ايدك الفلوس وتقدر تسد بيها ديونك، دي لوحدها نعمة من الله ورزق قائم بذاته بعيدا عن الفلوس نفسها.. لله الحمد حتى يبلغ الحمد منتهاه
وعملتها مرة من زمن كده بالواكس والبوليش فعلا وبعدين بطلت أفكر الأفكار الباهظة دي تاني D: 


- أرجع أرسم
* رسمت مرة واحدة بس من 2010 لحد النهاردة.. ما رضيتش عن النتيجة خالص واتكدرت جدا.. 


- أعمل الـ تي شيرتات اللي نفسي فيها اللي عليها صورة السنوركل او صورة من كاريكاتير وليد طاهر
*ما حصلش للأسف


- أرجع أكتب
* كتبت كتير من ساعتها.. حاجات فاجأتني انا نفسي.. وحاجات تهريج.. لكنه كله فضفضة.. 
ممتنة جدا للتشجيع اللي بالاقيه من كل الناس لما باكتب حاجة..
ومازلت مقتنعة انها مش مادة تستحق النشر (سامحيني يا مروة D:) وكل ما باقابل "أشياء" منشورة بين دفتي كتاب ولا تستحق الغلاف المعمول حواليها حتى.. بازداد قناعة.


قائمة 2010 و 2015 وحتى تتحقق.. سبعاويات في خمس سنوات بإذن الله...


المدى الطويل ( من سنة لحد ما ربنا يأذن):


- أسافر باريس مدة كويسة
* فيه دراسة.. فيه خطة.. في انتظار الفلوس D:


- أعمل مكتبة كبيرة في أوضتي
* ما حصلش ومش هيحصل، بس لسبب جميل :)


- ألف العالم
* يا رب


- أجيب شقة/بيت في مكان بحبه و بعيد عن الدوشة و الناس
* حصل.. بفضل الله ثم أمي اللي ادتني كل الفلوس اللي حيلتها، لحد آخر قرش حرفيا، عشان أكمل على القرض اللي أخدته وبادفع فيه اكتر من تلت مرتبي بقالي 3  سنين ونص، ولسه فاضل عليه قدهم.

القرض بمبلغ مهول! ماعرفش عملت في نفسي كده ازاي.

وبرغم اني فلّست أمي، لكنها شجعتني أجيبه، رغم ان وجود البيت ده معناه اني عايزة أسيبها وأستقل في يوم ما! وبرغم اني أوقات كتير بافكر أبيعه وأخلص نفسي من هم القرض والقسط وزنقة الفلوس المستمرة من تلات سنين ونص، إلا انها هي اللي بتقويني عشان أتحمل.
ساعة ما فكرت أجيبه، قالت لي جملة بتكررها كل ما باقول بصوت عالي اني بافكر أبيعه:
"اللي تشتريه دلوقتي مش هاتعرفي تشتريه بعدين لو استنيتي. هاتيه/خليه، وماتفكريش في فلوس القسط، مش قلتي ان ربنا هو اللي بيسد عنك؟ وماتفكريش في المدة، بكرة تبصي على السبع سنين دول وتستغربي عدوا بسرعة كده ازاي.. هاتهون بس هونيها على نفسك"
ماعرفش جابت الكلام ده منين، وبتجيب منين القدرة انها تكرره بنفس القناعة والصدق، مش تطييب خاطر وخلاص! بتحب البيت ده زيي بالظبط، رغم ما يمثله من انفصال بيينا. بهدلت روحها معايا ست ايام متواصلين عشان نعمل فيه شوية حاجات بسيطة؛ قعدت ع التراب في الارض والحر في شهر مايو عشان تشوفه بيبدأ يبان له ملامح. ورفضت انها تروح "زيارة" كده من غير ما نبقى رايحين نعمل حاجة عشان صعبان عليها اننا مش قادرين نشتغل فيه بقالنا سنتين ونص. ولما وريتها صورة الجنينة بتاعته وانا متصورة مربعة فيها عينيها دمعت فرحة. فضت جزء كبير في دولابها عشان تشيلي فيه الحاجات اللي جت لي هدية للبيت من الغاليين. ومن قبل ما تيجي هدايا، لقيتها لوحدها كده شالت لي مج وبشكير ومش فاكرة ايه تاني كده (رغم انهم مافيهمش حاجة مميزة يعني!) وقالت لي دول للبيت!

ده عن الست اللي كانت السند والعون اللي قدرت بيهم أحقق الحلم ده، وان كان فاضل عليه لسه شوية خطوات.. عايز وقت كتير.. وعايز فلوس أكتر.. بس احساسي بيقولي انه هايكمل.

أما البيت نفسه.. فانا باحبه.. حب حقيقي، كأنه روح! فوق قناعتي ان الأماكن لها أرواح، بنرتبط بيها وترتبط بينا، لكن البيت ده بقى كأنه المرسى اللي مستنة أوصله.. والأهم، انه الهلب اللي مثبتني على الارض.. اللي مثبتني على الحلم.. بقى هو اللي راسم خط اتجاهي ناحيته.. 
هو السبب اني ماعملتش مكتبة في أوضتي.. عشان بإذن الله هايبقى فيه اوضة كاملة مكتبة بس.. الأرفف داير ما يدور الأوضة.. مع كرسي/قعدة واباجورة.. وسقف ملون.. ومن غير باب..

البيت ده مفتوح للناس اللي سندت وقومت وساندت ونفخت فيا من روحها قوة وصبر ومن قلبها سلام.. وهايبقى مفتوح بحسّهم..  


- أبطل شغل شركات واشتغل حاجة حرة بحبها (أفتح مكتبة)
* دي الخطوة الخمسية - حرفيا - الجاية... بإذن الله في خلال خمس سنين اكون بطلت شغل شركات. فتحت مكتبة او اشتغلت في مكتبة ماعنديش مشكلة في اي منهم.. المهم يحصل، والأهم أبطل شغل شركات.. والخطة بتترسم حاليا.


- أتخلص من الغضب
* اللهم لك الحمد كما ينبغي لعظيم وجهك وجلال سلطانك حمدا كثير طيبا مباركا عدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته ورضى نفسه حتى يبلغ الحمد منتهاه.. 

ما باقولش اني بطلت عصبية، لكن مابقيتش غضبانة من جوايا زي الأول.. وما بقيتش حتى أتعصب على كل حاجة.. عدد غضباتي قل كتير الحمدلله.. وتحديدا آخر سنتين.. فتح الله عليا من نوره، ورزقني بناس طيبت خاطري.. وصرف عني ناس كانوا بيبخوا في عقلي وروحي سوادهم.. والشوية الفاضلين، باتجنبهم على قد ما اقدر.. 

بطلت أتكلم عن مشاكل الشغل بنسبة كبيرة عن الاول.. ولو حكيت أحكي بتهريج وتريقة أو عشان أنفس عن نفسي جرعة غباوة زيادة محتاجة تخرج برة سيستم جسمي عشان ما تسممنيش.. وفعلا ما بقاش يأثر عليا زي الاول.. 

باحاول أحب نفسي اكتر.. باحاول ألتمس الأعذار للناس اكتر.. باحاول أعاتب الناس أقل؛ منها تجاهل، منها تجاوز، منها تفهّم. أواخر 2013 واوائل 2014 كنت اكثر سلاما من دلوقتي.. لكن دلوقتي على الاقل مش غضبانة.. الحمدلله.


أبطل يبقى ليا توقعات واستغنى
* حصل بنسبة كبيرة.. عندي توقعات من نفسي.. لكن مش من حد.. وما بازعلش من حد خلاص؛ يا إما هو مش مستاهل اضايق نفسي عشانه، يا إما هو يستاهل اني اتجاوز عن زعلي عشانه.. يا إما أبخ في وشه كلمتين - على الهادي - لعله يفهم غلطه وان مافهمش مابتعبش قلبي معاه.

اتعلمت ان الناس قدراتهم مختلفة، وكل واحد بيقدم أحسن ما عنده فعلا! حتى الغلاّط وقليل الأدب؛ ده أحسن ما عنده. حتى المدبّ اللي ما بيفكرش في كلامه؛ ده أحسن ما عنده. وانا مش هاقدر أتحكم في كل دول، ولا أمشيهم زي ما انا عايزة، ولا حتى هاقدر أخليهم يقبلوني بطبعي ده.. فباحاول يا أتجنب اللي مش متحملة طبعه.. يا اما أتفهم طبع اللي قدامي من غير ما افرض عليه طبعي ومن غير ما آجي على نفسي.. باحاول على قد ما اقدر اني ماجيش على نفسي ولا على حد.. الدنيا بجد مش مستاهلة.


ومن هنا لحد 5 سنين كمان - يا ضامن الأعمار يا رب - ماحدش عارف ايه اللي هيحصل.. آدينا كتبنا، وساعتها لو ليا عمر نبقى نشوف! 

يا كل اللي عارفين نفسهم، وشافوا نفسهم في كلامي ده لو كان جالهم صبر يقروا الرغي ده كله يعني.. انتوا نعمة من ربنا في حياتي بادعي من قلبي يديمها عليا

أشوفكم كمان 5 سنين :)

Tuesday, September 8, 2015

نمط


Nothing significant ever happens until a pattern is broken. ―Unknown#TodaysMantraArtwork by Faig Ahmed Artist
Posted by berlin-artparasites on Monday, August 31, 2015

لن يحدث أي تغيير جذري ولا أي حدث هام، إلا ان قمت بكسر تكرار نمط معين.

- مجهول

منذ الصباح، أو لربما منذ الأمس، أو لربما منذ رأيت هذه التدوينة وانا اسأل نفسي؛ ما هو النمط الذي يحتاج للكسر؟ ما هو الشيء الذي يتكرر بنمطية في حياتي، وعلي أن أكسره، ليحدث "شيئ ما"؟ 

 ما هو؟ 

Monday, September 7, 2015

نوت تو سيلف

أنا: الواحد ما ينفعش يزعل على حاجة مش بتاعته.. 
مهما كان بقاله كتير بيتمناها او مستنيها.. ومهما كانت قربت منه، وفاضله خطوة ولا اتنين ويطولها.. 
بس ما دام ما بقتش بتاعته، خلاص مش المفروض يزعل! 

سيلف: أيوة ماهو الكلام ده معروف يعني، مش جديد.. بس هو زي ما تقولي كده، الواحد بيزعل ان الحاجة مش هاين عليها تبقى بتاعته!
يعني ولا كأن انتظاره وأمنياته دول ليهم قيمة ولا ليهم تمن.. كأنها خسارة فيه، مهما دفع في مقابلها!

أنا: ماحنا قلنا، كل حاجة بآوان.. وكل شيء نصيب!

سيلف: واشمعنى مايبقالناش نصيب في كل حاجة نفسنا فيها؟! هو عِنْد يعني؟! 

أنا: لأ يا طويلة اللسان.. لكن النفس أمارة بالسوء.. إيش عرفك ان الحاجة اللي نفسك فيها دي، فيها خير ليكي ولا للي حواليكي؟! 
عندك كل العلم؟! انكشف عنك الحجاب يعني؟! 

سيلف: طيب بلاش السؤال كده، خليه كده:  واشمعنى بنتمنى الحاجات اللي مالناش نصيب فيها؟! هو عِنْد يعني؟! 

أنا: مش عارفة.. 

صمت قصير.. ثم في نَفَس واحد:

يمكن عشان يفضل عندنا أمل انها احتمال تتحقق ونفضل عايشين عليه؟!

***



Thursday, September 3, 2015

الأخت ماري

** تحديث لتدوينة قديمة


الأخت ماري
هكذا كانت توقع شهادات درجاتنا الشهرية والسنوية.. وبمنتهى السذاجة لم اكن أستوعب أن ذلك التوقيع يعني "Soeur Marie" رغم اني أفهم الترجمة، ولكني بشكل ما لم أربط بين الاثنين.

كانت مديرة مدرستي.. وكانت مثال الشخصية القوية جدا، الحازمة جدا، عارمة الحنان، في آن واحد.

نظرة واحدة منها كانت كفيلة بدفعك دفعا للارتعاد خوفا إن كنت قد ارتكبت حماقة ما، حتى بدون أن تنطق هي حرفا!
ونظرة أخرى تعيدك لسجيتك الطفلة، فتحكي لها نكتة "مرة واحد راح يقعد على قهوة قعد على شاي" لتقهقه هي ضحكتها الملتزمة المرحة، وكأن النكتة مضحكة حقا.. فتشعر وكأنك قدمت للبشرية انجازا عظيما، فقط لأنك أضحكتها.

الوحيدة التي استطاعت ان تقنعني أن أتوقف عن قضم أظافري، بعد ان شَكتني أمي لها.. نادتني يوما بعد انتهاء اليوم الدراسي ونظرت لي بهدوء حنون، حدثتني عن الدراسة والمذاكرة وما شابه، ثم نظرت إلى أصابعي التي كانت قد قاربت التشوه، وبلِومٍ هاديء قالت:
"ايه ده؟! ضوافرك ليه شكلها كده؟"
رددت خجلى: "أصلي باقرقضهم.."
قالت: "هو فيه آنسة  كبيرة زيك كده وتقرقض ضوافرها زي الأطفال الصغيرين؟! بصي ضوافري عاملة ازاي؟ مقصوصين ونضاف مش متعورين ومتقرقضين.. ينفع آنسة كبيرة زيك تسيب ضوافرها شكلها كده؟"
هززت رأسي أن "لا".. فنظرت لي نظرة ذات معنى وابتسمت..
دار بيننا هذا الحديث وانا في الخامسة من عمري وإلى الآن – بعد ثلاثين عاما – لم يحدث أن قضمت أظافري مرة أخرى ابدا.

كانت تسعد لنجاحاتنا الصغيرة سعادة حقيقية.. وتناقش معنا أسباب أي تراجع عن معدلات تحصيلنا المعتادة. لم يحكمها شيطان العند والكِبر لما اكتشفتُ غلطة في امتحان الحساب للصف الاول الابتدائي، وقالت ان الحق معي بكل أريحية، أمامي، وطالبت المُدرسة بتقسيم درجة هذا السؤال على باقي أسئلة الامتحان وعدم احتسابه ضمن الدرجات.

لا أذكر عدد المرات التي شاركتنا فيها "الفسحة".. وهي مديرة المدرسة.. تضاحكنا وتحادثنا وكأنها ابنة الثامنة او العاشرة مثلنا.. لا أذكر كم مرة رأيتها تلعب مع بنات الحضانة "فتّحي يا وردة".. او استغماية..

ولا أنسى المرات التي كانت تجمع فيها كل طالبات المدرسة المتجمعات في موعد فسحة واحدة في قطار طويل تتقدمنا هي وتدور بنا في ساحة المدرسة.. وقع أقدامنا وصوت "توووت توووت.... تش تش" تردد صداه حوائط المباني من حولنا، وهي معنا.. ولا تتخلف فتاة واحدة عن الانضمام.
حتى أولئك الـ"آنسات الكبيرات" اللاتي يفضلن الجلوس والتحدث بهدوء عن الجري والصخب من أمثالي، أو حتى الفتيات المنطويات اللاتي لم يشاركن أحدا فسحتهن ولم يشاركهن أحد؛ كانت تُصرّ على ان تشارك كل فتاة في القطار ولا تتحرك من أمامها الا بعد ان تنضم للصف الطويل، المؤلف من فتيات خمسة فصول دراسية كاملة.
لا أذكر اني رأيت احداهن متأففة او منزعجة لاقتحام عزلتها وانعزالها، على العكس، ربما كانت تلك هي المرات القليلة التي ارتسمت فيها ابتسامات صادقة وصافية على وجوه تلك الفتيات وضحكن من قلوبهن فعلا، وعشن طفولة لحظية لم أدرِ لاحتجابها سببا كطفلة.

لا أنسى ركوعها بكل أريحية في الفناء لتعقد رباط حذاء هذه الصغيرة أو تلك، حتى لا تتعثر خطواتها الطفلة.. لا أنسى لهفتها على أية طالبة تحتاج للذهاب للعيادة في أي طاريء مرضي، فتذهب لها مطمئنة، ومعها كوب نعناع دافيء او سندويتش المربى التي تصنعها راهبات المدرسة.

لا أنسى يوم حبستني أحداث "الأمن المركزي" في المدرسة، وأخذتني معها لسكن الراهبات، وأعدت لي الكيك والسندويتشات، وحرصت على أن اتم واجباتي المدرسية، حتى تمكنت أمي من اصطحابي من المدرسة في الثامنة ليلا.

ولن أنسى العروسة، و"طقم الشاي" الوردي اللذان كانا بانتظاري كهدية شفاء بعد اجرائي لعملية اللوّز وعودتي للدراسة.. واحتفالها مع زميلات الفصل ومدرساته بـ "عودتي سالمة".

الآن أرى تلك الشخصية ذات الحضور القوي الكاسح، الذي يتحول لحنان جارف بلا أي تصنّع.. ولا يسعني إلا أتفهم كيف كانت لها القدرة على تحويل الرهبة والاحترام اللذان أشعر بهما إلى امتنان ومحبة وانبهار.. كأنها الأخت الكبيرة التي تقوم بدور أم البديلة في التقويم والمحبة لا يبغي أحدهما على الآخر مهما كانت الغاية..  فيترائى أمامي بعدا آخر لتوقيعها على شهاداتنا؛ الأخت ماري.


Tuesday, September 1, 2015

رسالة وداع من لاجىء سوري

رسالة وداعية كتبها لاجئ سوري قبل غرقه في المتوسط:
شكراً للبحر الذي استقبلنا بدون فيزا .. وشكراً للأسماك التي ستتقاسم لحمي ولن تسألني عن ديني ولا انتمائي السياسي
وكالة الأناضول - تداول ناشطون سوريون على شبكات التواصل الاجتماعي، نص رسالة قالوا إنها وجدت في جيب أحد اللاجئين السوريين الذين انتشلت جثثهم بعد غرق مركبهم الذي كان يحوي المئات من المهاجرين غير الشرعيين في البحر الأبيض المتوسط خلال رحلتهم للوصول إلى الشواطئ الأوروبية مطلع الأسبوع الجاري.

وفيما لم يبيّن الناشطون معلومات عن هوية صاحب الرسالة الوداعية الأخيرة التي كتبها فيما يبدو لدى استشعاره بقرب غرق المركب الذي كان يحمله، فإنهم أرفقوا مع النص الذي نشروه على صفحاتهم الشخصية عبارات مؤثرة من قبيل "هدية إلى العالم المتحضر.. هرب من الموت فاحتضنه البحر.. أنصحكم بالقراءة لكن لا تبكوا لأن الدموع جفت على أبناء سوريا".
وهذا نص الرسالة الذي تنشره وكالة "الأناضول" بحسب ما تداوله الناشطون:
"أنا آسف يا أمي لأن السفينة غرقت بنا ولم أستطع الوصول إلى هناك (يقصد أوروبا)، كما لن أتمكن من إرسال المبالغ التي استدنتها لكي أدفع أجر الرحلة (يتراوح أجر الرحلة البحرية للوصول إلى أوروبا بطريقة غير شرعية ما بين ألف إلى 5 آلاف يورو بحسب دولة الانطلاق وعوامل أخرى مثل صلاحية المركب وعدد الوسطاء وغيرها).
لاتحزني يا أمي إن لم يجدوا جثتي، فماذا ستفيدك الآن إلا تكاليف نقل وشحن ودفن وعزاء.
أنا آسف يا أمي لأن الحرب حلّت، وكان لا بد لي أن أسافر كغيري من البشر، مع العلم أن أحلامي لم تكن كبيرة كالآخرين، كما تعلمين كل أحلامي كانت بحجم علبة دواء للكولون لك، وثمن تصليح أسنانك.
بالمناسبة لون أسناني الآن أخضر بسبب الطحالب العالقة فيه، ومع ذلك هي أجمل من أسنان الديكتاتور (في إشارة إلى بشار الأسد).
أنا آسف يا حبيبتي لأنني بنيت لك بيتاً من الوهم، كوخاً خشبياً جميلاً كما كنا نشاهده في الأفلام، كوخاً فقيراً بعيداً عن البراميل المتفجرة وبعيداً عن الطائفية والانتماءات العرقية وشائعات الجيران عنا.
أنا آسف يا أخي لأنني لن أستطيع إرسال الخمسين يورو التي وعدتك بإرسالها لك شهرياً لترفه عن نفسك قبل التخرج.
أنا آسف يا أختي لأنني لن أرسل لك الهاتف الحديث الذي يحوي "الواي فاي"(خدمة الانترنت اللاسلكي) أسوة بصديقتك ميسورة الحال.
أنا آسف يا منزلي الجميل لأنني لن أعلق معطفي خلف الباب.
أنا آسف أيها الغواصون والباحثون عن المفقودين، فأنا لا أعرف اسم البحر الذي غرقت فيه..
اطمئني يا دائرة اللجوء فأنا لن أكون حملاً ثقيلاً عليك.
شكراً لك أيها البحر الذي استقبلتنا بدون فيزا ولا جواز سفر، شكراً للأسماك التي ستتقاسم لحمي ولن تسألني عن ديني ولا انتمائي السياسي.
شكراً لقنوات الأخبار التي ستتناقل خبر موتنا لمدة خمس دقائق كل ساعة لمدة يومين..
شكراً لكم لأنكم ستحزنون علينا عندما ستسمعون الخبر.
أنا آسف لأني غرقت..".