عشوائية

أتساءل: ما الذي تفعله امرأة تشعر انها بالصدفة، بالصدفة المحضة، بقيت على قيد الحياة؟ كيف تسلك في الدنيا إن كان وجودها، كل السنين والشهور والأيام واللحظات الحلوة والمُرّة التي عاشتها، فضلَة حركة عشوائية لقدر غريب؟ كيف تسلك في الدنيا؟"


د. رضوى عاشور

Thursday, October 22, 2015

ملل

فيه حاجات كتير تتعمل.. شغل وخروجات وزيارات وكلام وناس.. بس مش عاوزة أعمل ولا حاجة منهم
زي ما اكون طاقتي خلصت.. مافيش همّة أعمل ولا أي حاجة، ولا حماسي المعتاد لخروجة باحبها زي خروجة الأوبرا.. ولا حتى متحمسة أقرا رغم اني فاتحة كتابين مختلفين ما قريتش غير كام صفحة في كل واحد.. وبقالي أسابيع على كده.. ما فيش حماس خالص لأي حاجة.

مانفسيش أشوف حد ولا عاوزة أكلم حد.. والأكيد اني ما باشتغلش.. باعمل شوية حاجات هبلة كده، لكن ده مش شغل! مش ده اللي يخليني أخلص اللي ورايا.

ما فيش روح.. 
الناس مكررة وسخيفة.. يا إما حزاني ومكروبين.. وما فيش طاقة تستوعب اي من الحالتين
تتنيح مستمر في الفيسبوك.. بدون أي هدف ولا أي استفادة.. 
شعور مستمر ودائم بالارهاق.. ومهما انام مش باحس بالراحة.. 

ملل، على احساس بلا جدوى أي شيء، على أوضاع مخيفة في كل حاجة حوالين الواحد.. شعور بالتهديد وان ضهرك للحيطة طول الوقت، مخليني طول الوقت عايزة أهرب، من إيه ولفين ولا اعرف.. بس عايزة أهرب. 

وفي نفس الوقت مش حاسة ان ناقصني حاجة.. ما فيش حاجة أقدر احط ايدي عليها واقول لو حصلت او جت، هابقى أحسن.. اه نفسي مرتبي يكفي الشهر كله، واقدر أسد اللي ورايا واعمل كل اللي نفسي فيه من غير ما اقلق على "هاكمل باقي الشهر ازاي" او "هاسيب ايه عشان اعمل ايه".. لكن مش حاسة ان ناقصني حاجة برضه.

زهقانة وماينفعش اقول اني زهقانة.. مش وظيفة حد ولا حاجة انها تسليني.. مش مطلوب من الدنيا انها تسليني.. والمفترض ان عندي اللي يشغلني.. بس مش قادرة ولا لاقية اللي يخليني أقاوم شعور الزهق والملل.

زهقانة والناس فيها اللي مكفيها.. أشوف حالهم أقول الحمدلله انا برضه في نعمة - وانا فعلا في نعمة - بس طيب اعمل ايه في روحي؟ 

مش حاسة اني وحيدة، بالعكس، كل حبايبي حواليا.. بس حالهم ما يفرقش عن حالي.. وكمان ماعنديش طاقة لأي حد ولأي شكوى ولأي غُلب.. خليني ساكتة وخليهم ساكتين أحسن.

افرجها علينا جميعا يا رب.. وفرج كربنا..  


Monday, October 12, 2015

من هنا وهناك

مؤخرًا رجعت أتعلم فرنساوي تاني.. انا فضلت أتعلمه 5 سنين في المدرسة، ولكن عمري ما عرفت أتكلمه زي الانجليزي ولا حبيته خالص وكنت باتعامل معاه على انه هم وهاينزاح لما الامتحان يخلص.

كنت باجيب درجات نهائية فيه، او بالكتير انقص نمرة او اتنين. ورغم حبي للغات وشطارتي في الانجليزي (من غير دروس ولا كورسات) وفي العربي (بعد دروس مع حد بيفهم.. الله يرحمه حيا كان أو ميتا) إلا ان الفرنساوي ده ما نزليش من زور ابدا! 

ماكنتش باعرف أعوج لساني عشان أنطق كل الحروف الملخفنة دي اللي محتاجة دلع عشان تتنطق، وإشي تنطقه وانت مخنف، وإشي وانت مدور شفايفك.. دوشة كبيرة يا عم الحاج واحنا اتعودنا على الانجليزي "السِلِس الشيعبي" ده! 

حط فوق مصيبة الدلع اللي عمري ما عرفت بيتجاب منين، ان بدأنا نتعلمه في أولى اعدادي على ايد راهبة، سيستر مارسيل.

أهو الفرنساوي وتصريفاته السبعتلاف ونطقه المايص وتدوير البق والآكسون والهري ده كله كوم، والست دي - الله يمسيها بالخير - كوم تاني خالص!

صوتها في العادي كان منخفض جدا، بالكاد تميز هي بتقول ايه. لكن لو فتحت في الصريخ، يا محمدي! طبعا على أيامي احنا كنا جيل منحل.. اصلنا كان ممكن نتكلم سوا لما السيستر تخرج من الفصل دقايق مثلا ولا حاجة، ودي كانت أكتر حاجة بتطير عقلها وتعصبها جدا.. جدا! طبعا، ماهي دي قمة الانحلال.. يعني ايه نقعد نتكلم في الفصل لو فضي ثواني؟! مسخرة!

كانت ترجع تسألنا بمنتهى الهدوء المرعب، وهي مثبتة عينيها علينا واحدة واحدة:

"مين الخروفة اللي اتكلمت وانا برة؟!" 

اه، خروفة.. دي كانت شتمتها المشهورة.. 

وكل ده كوم، ولما تسمع واحدة فينا بتنطق غلط كوم تاني خالص!! كانت بتجيلها نوبات صريخ وهيستريا غير طبيعية لمجرد اننا نطقنا غلط.. ماعرفش مين أو ايه اللي أوعز لها ان الصريخ هايخلينا ننطق صح!

وقد كان.. الست درست لنا سنتين، أول سنتين في تعاملنا مع لغة جديدة، طلعنا منهم كارهين ام الفرنساوي على يومه الاسود!

وبعدها جالنا مدرس طيب وغلبان كده، وكان بيتكلم فرنساوي احسن من الفرنساويين شخصيًا.. بس كان بلا شخصية خالص فماغيرش من موقفنا -أو على الاقل موقفي أنا- شيء تجاه اللغة المسكينة دي.. وفضلت أنجح في الامتحان لكن بدون لغة... وعشت كل الوقت ده أفهم الفرنساوي مكتوب او منطوق، لكن انا شخصيا لا أكتبه ولا انطقه اطلاقاً... وكده كده ما احتجتوش تاني إلا في لحظات نادرة جدا، زي اني اسمع اغنية فرنساوي تشد انتباهي فالقط لي منها كام كلمة كده.. اتفرج على فيلم فرنساوي فمابقاش مقريفة من اللغة زي الأفلام الكوري او الياباني مثلا، لأني باحسها مألوفة.. أكتر من كده مافيش.

لما بدأت من تلات أيام بالظبط في كورس تعلم فرنساوي أونلاين كانت مفاجأة رهيبة بالنسبة لي اني "باعرف فرنساوي"
اكتشفت اني لسه فاكرة قواعد كتير.. جدا! ومعاني كلمات كتير جدا.. رغم ان الكلام ده حصل من 24 سنة على الاقل!!

إزاي قدرت سيستر مارسيل توصلّنا معلومات وتحفظنا معاني كلمات في وسط كل العصبية والصريخ ده، ماعنديش اي فكرة.. بس قدرت تعمل كده!

إزاي اصلا انا فاكرة الحاجات دي وانا اللي لو حد قاطعني في وسط كلامي بانسى انا كنت باقول ايه وليه.. برضه ماعنديش فكرة!

وعليه، من مكاني هذا، وبعد مرور كل الوقت ده، وبرغم كل التوتر والتشنج اللي عيشتنا فيه، انا باقول لسيستر مارسيل: شكرًا!

شكرا إنك كنتِ مصرّة تعلمينا وتعلمينا صح مش كروَتة.. يمكن طريقتك ما كانتش أفضل طريقة، ويمكن لو كنتِ غيرتيها كنت اتعلمت اكتر من كده واستفدت من معلوماتك وعلمك اكتر من كده.. لكن برضه كتر خيرك على تعبك معانا.. جه -لمفاجأتي- بفايدة!

*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#*#

النهاردة لقيت واحد كاتب بوست على الفيسبوك انه كان ماشي في جنازة وسمع واحدة، ماشية في الجنازة برضه، بتقول لصاحبتها عن شخص ما:

"ده انسان فاشل.. تصدقي انه عنده تلاتين سنة وماعندوش عربية؟!"

طبعا التعليقات نزلت شتيمة في البنت.. وانا دعيت لها ان ربنا يهديها ويهدينا لأني اعتبرتها فاقدة الأهلية اصلا ماينفعش الواحد ياخد على كلامها.

لكن الصورة اللي نطت في دماغي فورا بمجرد ما قريت الجملة دي؛ أبويا.

أبويا عاش ومات - 61 سنة - وماعندوش عربية! كان ممنوع من السواقة عشان مرضه، وهو كان ملتزم جدا بتعليمات الدكاترة.. وفضل طول الوقت يحلم بعربية لكن ما يقدرش يسوقها.. ولما فاض بيه وجاب عربية وسواق، السواق، الله يبارك له، سرقه!
فمشاه وباع العربية. 

فضل مقضيها مواصلات وتاكسيات لحد ما المرض تمكن منه وبطل يخرج خالص لحد وفاته.

بعيدا عن ان العربية ما بتحددش نجاح شخص في حياته من عدمه.. مافيش اي ممتلكات ممكن تحدد ده إلا لو بنتكلم عن مستوى مالي فقط.. لكن الغريب اني من ساعة ما بقى عندي عربية وانا كل فترة كده تيجي في بالي صورة ابويا راكب جنبي العربية.

لما باشوف راجل كبير تحديدا بيحاول يعدي الطريق، وتحديدا طرق 6 اكتوبر اللي الناس بتعتبرها طرق سريعة ماعرفش ليه، ومش عارف يعدي، فورا باشوفه أبويا! واقعد أفكر: 
هو احنا لو ماكناش جبنا عربية كان هايعمل ايه في الطريق لو كان بصحته نوعا وقادر يروح وييجي؟ 
طيب كان هيرضى يركب معايا؟ طيب كان هايبقى خايف عليا برضه وانا سايقة زي ماما كده؟

والافكار دي توديني لفكرة تانية أهم:

طيب مش كان يعيش شوية لحد ما اقدر أوديه وأجيبه وأفسحه شوية وينبسط ان بقى عندنا عربية بسواق مش هايسرقه ومش هايقوله لأ؟ 
وانا كنت هابقى كويسة معاه ولا كنت هاتعصب عليه لو طلب أوديه مشوار؟ ما هو انا مش باتعصب على ماما لما بتطلب نروح مكان سوا.. كنت هاتعصب عليه ليه يعني!! وآه، كان هايركب جنبي ومش هايخاف من سواقتي.. كان بيثق فيا! 
ويا حلاوتنا بقى لما نطلع سوا احنا التلاتة اسكندرية ونقعد نلف.. كنت هاوديه كل الاماكن اللي بيحبها ويقعد يحكي لي ذكرياته فيها.. وكنت هاوديه اسكندرية في الشتا بقى.. كان بيحب اسكندرية في الشتا اوي ماعرفش ليه.. يمكن لو كنا رحناها سوا وانا كبيرة كنت هاحبها أكتر.. 

الله يرحمك يا بابا.. كان نفسي تكون عايش دلوقتي وكنت ريحتك شوية وحققت لك شوية حاجات نفسك فيها رغم صغرها وسهولتها لكن ماقدرتش تحققها لظروف كتير.. سامحني يا حبيبي، بس انت اللي استعجلت! 

وعموما، أكيد انت دلوقتي مبسوط أكتر من اي حاجة انا كنت هاعملهالك.. ربنا يجمعني بيك في ظله... 

Thursday, October 8, 2015

استبصار أم هروب؟


أعتقد اني من ساعة ما تكون لي شوية وعي، وانا بنسبة كبيرة عارفة انا عاوزة ايه.. وللدقة، عارفة انا "مش عاوزة" ايه.. 
بنسبة كبيرة عارفة انا اقدر على ايه كحد أدنى على الاقل.. واوقات بافاجيء نفسي قبل اللي حواليا بحاجة زيادة عن اللي تصورت انا و/أو هم اني اقدر عليه.. وده بقى سواء في الشغل او في الحياة الشخصية.. وأظن ان ده اللي بيزعل/بيخوف ناس كتير مني.. الاستبصار.

فكرة انك تبقى رجليك على الارض (حتى لو راسك بين النجوم طول الوقت، وانت صاحي قبل ما تكون نايم.. يعني أحلامك ما بتنتهيش) دي، اتضح انها مش سهلة.. مش سهلة في استيعابها ولا سهلة في التعامل معاها.. وكل ما بتزيد، كل ما بيزيد مستوى الصعوبة.

لأنك ببساطة، بتحدد الخط اللي انت ماشي عليه أكتر.. وبتمسك فيه أكتر.. وحتى لو غيرته بعدها شوية، خطك الجديد بتبقى ماسك فيه بنفس الطريقة! 

كتير ده بيبان عناد وتكبر، في حين انه تطبيق حرفي لـ "رحم الله امرء عرف قدر نفسه".. مع شوية قدرة على اني اقول الكلام ده بصوت عالي، والتزم بيه بدرجة كبيرة

الأفضل اني ما اتسببش في الأذى لحد.. الأفضل اني ماعملش حاجة مش متأكدة اني اقدر أعملها بنسبة كبيرة كويس، خصوصا لو حد غيري معتمد عليها او نتايجها هاتأثر عليه.

لما قررت اتعلم غطس وانا كنت باخاف من البحر وباغرق فيه زي الطوبة، كانت مفاجأة للجميع وأولهم انا!! بتهببي ايه وانتي لو رجلك ما طالتش الأرض بتترعبي وتغرقي نفسك؟! 
بس حماسي لاكتشاف العالم ده ساعدني اني اتجاوز المخاوف دي.. والأهم، ان مافيش حد هيتأثر من حاجة زي دي! مش هاسبب أذى لحد، غير نفسي لو حصل.. وده بيطمني بدرجة كبيرة فباقدر أجرب.. 

لما بتتعرض عليا مسئولية شغل، باشوف نتيجة المسئولية دي هاتأثر على مين؟ طيب هاتأثر على ايه، حقوق الناس مثلا وتأدية أمانة؟ لو مش هاقدر ابقى قدها بارفضها تماما وكلية.. لكن لو مجرد حاجة جديدة مافيهاش حقوق وأمانات، باقدر اشجع نفسي اني اجربها على اساس التعليم، وان مافيش حد هاينضرّ.. وصديق ليا مرة قالي: "طالما مافيش حد هايموت بسببك، يبقى كله هايعدي".. وكلامه لاقى صدى في نفسي وبافكر نفسي بيه كل شوية.. 

ده على مستوى الشغل ومسئولياته.. وبشكل عام، وبعد 11 سنة شغل وحرقة دم، تأكدت بدرجة كبيرة ان الشغل ده المفروض يكون آخر اهتمام الواحد.. من غير تقصير لأنه أمانة هانتحاسب عليها، وعشان سمعتك كشخص بيشتغل.. لكن طول ما انت بتشتغل في شركات ناس، ماتحرقش روحك عليه ولا عشانه.. بجد الشغل بيروح وييجي والفلوس بتروح وتيجي وحاجات ولا ليها أي لازمة انها تاخد من وقتك ومجهودك اكتر مما تستحق! لو مشروعك، اه، اتعب له واتعب عليه لحد ما ينجح ويكبر.. غير كده مالوش معنى غير دوران في ساقية.. كده كده هاتدور وكده كده هاتجيب مياة.. انك تهري روحك عشان تدورها مش هايخليها تجيب مياة أكتر ولا اسرع! فبالراحة وحبة حبة يا ملواني.. 

أما على المستوى الشخصي، فالموضوع غير كده خالص!

انك ترتبط بانسان تاني وانت عارف انت عاوز ايه ومش عاوز ايه، دي مصيبة!! بيبدأ يتصور انك بتتنطط عليه، وانك مخطط ودارس وكأنك بتتآمر عليه، فيبدأ هو يلوّش بقى ويعمل فيها كرومبو عشان "يكشف" مؤامرتك دي! خصوصا لو هو ماعندوش ثقة في نفسه، او اللي عاوزينه او مش عاوزينه مش زي بعضكم... 

انك تلاقي حد بيقولك مبررات خايبة ولا بيألف عليك حكاية كذب وانت تبقى كاشفه، وهو يحس انك كاشفه، يبتدي يقلب عليك ويطلع فيك القطط الفاطسة.. لأن ببساطة ماحدش بيحب يبقى مفقوس!

انك تقول لحد ان اللي بيعمله ده غلط وهايتسبب في مشاكل كذا وكيت، وتحاول تنصحه او حتى تقترح عليه اقتراحات أفضل.. يروح برضه قالب عليك وتتحول قدامه لشيطان رجيم.. لأن ببساطة ما حدش بيحب يبان غلطان ولا ان فيه حد بيفكر أحسن منه! في الشغل او في الحياة وأي كانت علاقتك بالشخص ده ايه.. الا من رحم ربي ودول قِلة نادرة فعلا!

انك تعترف بغلطك وتعتذر عنه او تتحمل مسئوليته، وانك تقبل ان حد يقولك انت غلطت في كذا فتقوله ايوة معاك حق، فيه ناس بتشوفها مؤامرة برضه من ناحيتك وتنطيط.. انت هاتبقشش عليا بكرم أخلاقك ولا ايه؟! ولا بتعمل كده عشان توقعه هو في الغلط لما يآمن لك!  ويبتدي يعمل فيها كرومبو - برضه - عشان يكشف مؤامرتك ويفضح نواياك الشريرة.

الناس ما بين معذورين وما بين مجانين.. المجانين، سيبهم في حالهم دول مافيش أمل فيهم.. والمعذورين، اللي من كتر اللي شافوه من زبالة الناس، ما بقوش يصدقوا ان فيه حد كده، وانه بالضرورة بيمثل وبيرسم علينا الدور.. دول مصيرهم يفهموا.. وان مافهموش ماتبكيش عليهم.. 

لكن احقاقا للحق، أوقات كتير باقول الغباوة حلوة! ليه يبقى الواحد فاهم نفسه، وعارف حدود قدراته؟ ليه انا مش عايمة في مية البطيخ، وهارية نفسي تفكير طول الوقت عشان ما اتسببش في أذى لحد غيري على قد ما اقدر، وان اتسببت بغشومية او سوء تقدير بافضل نازلة تأنيب في نفسي العمر كله ولو على كلمة، ليه "شايفة" بزيادة كده؟! 

ليه ما بافوتش الغلط؟ واقول "مش مهم، هو انا يعني اللي هاعدل المايلة" ومتصورة ان الكلام والنقاش والتوضيح ممكن فعلا يصلحوا الدنيا، خصوصا وماحدش بيقبل لا الكلام ولا النقاش ولا التوضيح؟ 

 وساعات أفكر، هو ده فعلا استبصار، ولا انا باهرب من المسئولية؟ 

يعني مثلا في موضوع الأطفال.. انا ما باحبش الاطفال! باحترمهم، لكن مش باحبهم.. ولا باستوعب فكرة ان حياتي تتشقلب عشان عايزة أخلف او خلفت!! ليه عشان ايه يعني؟! ايه وجه الاستفادة اللي هاستفيدها لو خلفت؟ وايه الفائدة اللي هاتعود على العالم من خلفتي؟! لحد دلوقتي مش شايفة لها لازمة ولا فائدة ومقتنعة بده جدا.. ده بعيدا عن فكرة ان خلفة وتربية طفل دي مصيبة لوحدها!! دانا بالعافية باكتشف نفسي وباربيها تبقى "أحسن".. اقوم أروح مخلفة كائن لا حول له ولا قوة، ومعتمد عليا كلية، وادلدق عليه كل مشاكلي وعفاريتي؟!! طيب هو ذنبه ايه؟؟ 

ده بقى ايه؟ هو ادراك لحجمي وقدراتي ولا هروب من المسئولية دي؟ 

هل ده كويس ولا المفروض الواحد ما يفكرش ويرمي من ورا ضهره تماما واللي تجيبه الدنيا يمشي فيه وخلاص؟! 

ده استبصار فعلا ولا معاندة؟ خوف ولا تكبر؟ احساس بالمسئولية ولا هروب منها؟ 

حقيقي مش عارفة.. 

كل اللي عارفاه اني باطلب من ربنا يرزقني البصيرة دايما.. واني اشوف عيوبي على حقيقتها وأقدر اصلحها او ابطلها.. وان بصيرتي تبقى على نفسي اكتر من اي حد تاني وما اتسببش في الأذى لحد لو كلامي هيؤذيه، ويلهمني اني اقول الصح والحق بالطريقة الصح لو هاينتفع بيه ولو بني آدم واحد.. والأهم ينجيني من نفسي ومن غرورها.. وينجيني من شرور ما كسبت وما اكتسبت..