النهاردة صحيت الساعة 6.30 صباحًا.. رغم انه يوم اجازة، لكن كنت المفروض أنزل..
كنت المفروض أنزل أحضر محاضرة عن حاجة ليها علاقة بمجالي، وبعدين اقابل صديقتي، وبعدين أقابل صديقتي التانية في مكان تاني.. كان المفروض يبقى يوم حافل وزحمة ومسلّي ويكسر الرتابة..
ما نزلتش.
لأسباب كتيرة ما نزلتش.. قررت الصبح، بعد ما صحيت بدري اوي كده، اني أبعت رسالة لكل الناس اللي ارتبطت معاهم بمواعيد النهاردة اني مش هانزل.. وما قلتش أسباب ملفقة او أعذار.. قلت بس اني مش هاقدر أنزل النهاردة..
أسبابي كانت ايه؟ ماليش نِفس. نقطة.
برغم الدوشة اللي جوايا، لكن مش عاوزة أتكلم.. ما هو أصل انا لو اتكلمت يبقى ضروري هاسمع، وانا لا قادرة أعمل دي ولا أعمل دي.. خليني في صمت أحسن يمكن الدوشة تسكت لوحدها.
مامعاييش فلوس. مش أزمة أوي يعني، كنت هاستلف من ماما ولما اقبض أردهم لها.. بس اذا كنت مش عارفة أسدد بقية ديوني، مافيش داعي أزودهم ولو خمسين جنيه.. بناقص.
في وسط اليوم، كلمتني صديقة تالتة تقولي تعالي نتقابل ونتكلم.. ورغم اني عارفة ان كلامي معاها هايفيدني ويمكن يساعدني أطلع من دايرة مفرغة بالف فيها بقالي كتير.. قلت لها اني مش قادرة أنزل.. يمكن اتفقت معاها نتقابل قريب صحيح، لكن احتمال كبير اني ألغي المقابلة دي قبلها.. زي النهاردة كده.
باحاول ما أحملش حاجة اكتر مما تحتمل، لكن - على قدر ظني - كل ده بسبب الشغل الجديد.
كمية الطاقة المهدرة فيه رهيبة! على كل صغيرة وكبيرة لازم أدخل في جدال ومقاوحة وهري وكلام كلام كلام كتير جدا عن مشاكل مشاكل مشاكل.. ليهم حل، لكن ماحدش عايز يحل.. واللي في ايديهم الحل يا بيقولوا زهقنا من كتر المحاولة ومافيش فايدة، يا بيراوغوا بعد ما اتفقوا على الحل.. ليه ماحدش عايز ولا يقدر يلتزم بكلمة قالها؟
من يومين بالظبط، وبرغم اني كنت خلاص على بعد خطوة من اني امشي، لقيتني باقول لحد "ربنا جابني هنا لسبب ومش لاقية أي سبب غير اني أحاول أصلح أوضاع الناس".. الكلام كده لوحده جري على لساني من غير تفكير ومن غير ترتيب.. بيني وبين نفسي تنحت، وقلت آهي، إشارة جت لك اهي من غير تفكير ولا ترتيب.. اعقلي بقى واهدي وكملي يمكن فعلا يكون ده الهدف من ورا وجودك في المكان ده في الوقت ده..
طبعا النهاردة - رغم انه اجازة - اتخبطت في تلات مواقف من ناس في الشغل يدوني إشارة معاكسة خالص، وهي ان: "مافيش فايدة"
طيب مين فيهم الاشارة؟ طيب انا ليه واخدة كل ده على أعصابي؟ ما اللي يحصل يحصل وكله تدبير ربنا، باحرق دمي ليه؟
حقيقي مش عارفة انا ليه باخد كل حاجة على اعصابي كده.. يمكن خوف من الخطأ؟ يمكن مثالية زايدة؟ يمكن الاتنين؟
ليه ما باعرفش أبقى باردة وما يفرقش معايا حاجة، واتفرج على الناس وهي بتعك واسكت وخلاص؟ أمشي بنظام "وانا مالي" وخلاص وأوفر طاقتي وصحتي النفسية؟
هو انا محموقة عشان انا في موقع مسئولية وحاسة بالخوف - الرعب، الصراحة - إني أقصر في واجباتي؟ اني أتخلى عن حد ينفع أحقق له وضع أفضل طالما هو الوضع الصح اللي المفروض يتحقق للكل؟
طيب انا مش عاوزة أبقى مسئولة! لا عن حد ولا قدام حد... انا عارفة ابقى مسئولة عن نفسي، لما ابقى مسئولة عن حد؟! دانا خيبتي قوية!
طيب هو ده يبقى جُبن مني؟ انهزامية؟ تخلي؟
مين فيهم الاشارة؟ أكمل ولا أمشي؟ طيب كان ايه اللي جابني هنا؟ ليه؟
طيب بعيد عن كل ده، هو انا مش من حقي أحلم بحاجة صغيرة؟ هو حلم كبير اوي ان الواحد يبقى له بيت، هو مختاره، على ذوقه ويقدر يفرشه ويعيش فيه؟
ما طلبتش اكتر من كده وما عملتش اكتر من كده.. ده حتى انا مالحقتش أعمل لسه ومش باين اني هالحق.. ليه حاجة بسيطة زي دي تحصل بالصعوبة دي كلها؟
ليه كل حاجة لازم تيجي بعد انتظار طويل.. طويل.. كأنها مش من حقك.. ولما تيجي، بتيجي أقل من اللي اتمنيته او حلمت بيه، وكأن "كفاية عليكي كده"
هو انا لو ارتحت شوية هافسد؟ بفتح السين وكسرها.. بس انا مش شخص فاسد! على الاقل ما أذيتش حد، متعمدة، غير نفسي..
ليه كل التعب ده على "ولا حاجة"؟ وهو انا اللي عاملة في نفسي كده، من باب رثاء النفس والاصرار على دور "ضحية" ما، ولا هي فعلا الدنيا صعبة؟
ما بقيتش عاوزة أكلم حد عن مشاعري تجاه المواقف.. بقيت أحس ان لو حكيتها اللي قدامي هايهزأ منها.. او مش هايصدقوها رغم اني دايما مشاعري اللي بتبان قبل المواقف.. لكن مؤخرا بقت تتسفه كتير، وكأن الناس حاسين اني بامثل..
أحكي الموقف جايز، لكن مش عاوزة أحكي مشاعري عنه.. مش عاوز حد يسفهها او يقلل منها او يستهزأ بيها.. ولأني ماتعودتش على كده ومش هاعرف، يبقى الأحسن اسكت.. يبقى الأحسن اقعد ما انزلش اقابل حد..
عتابي لكل الناس تقريبا قلّ ان ماكانش انعدم.. مش قساوة، قد ما هي تفهم للظروف.. كل واحد عنده اللي مكفيه.. كل واحد بيعمل أحسن ما عنده، ما تلوميش الناس على توقعاتك انت، واقبلي تصرفاتهم من رؤيتهم هم مش رؤيتك انت.. وعليه، مش هاعاتب حد لو سفه مشاعري، بس مش هايفضل في مكانته عندي.. هايقل.. وحفاظا عليهم، عشان هم بجد ناس كويسة، مش هاتكلم عن مشاعر.. واحتمال كمان أقلل حكي المواقف.. ما انا لسه قايلة ان الناس فيها اللي مكفيها..
الأكيد اني مش عاوزة أتخانق مع حد ولا أخسره.. مش مستاهلة والكلمة الطيبة أحسن وعشرة الناس أهم.. يبقى الأكيد اني مش محتاجة أتخانق في الشغل، عشان الشغل، اللي هو مش أهم حاجة في الدنيا!
صح؟ ولا ده كلام نفسي الأمارة بالسوء اللي مش عاوزة تتعب وعاوزة تهرب ما تشيلش مسئولية؟
ما بقيتش عارفة مين اللي بيتكلم في دماغي.. أنا، فعلا؟ ولا نفسي الأمارة بالسوء؟ والسوء ده من اول حب الأنتخة ولحد رثاء النفس واستمراء دور الضحية..
طيب فين المفر؟ فين الطريق؟
ما حدش يسلفني شوية يقين؟