عشوائية

أتساءل: ما الذي تفعله امرأة تشعر انها بالصدفة، بالصدفة المحضة، بقيت على قيد الحياة؟ كيف تسلك في الدنيا إن كان وجودها، كل السنين والشهور والأيام واللحظات الحلوة والمُرّة التي عاشتها، فضلَة حركة عشوائية لقدر غريب؟ كيف تسلك في الدنيا؟"


د. رضوى عاشور

Thursday, July 2, 2009

يوميات

د
د السبت: د
د
د نجتمع على حب .. أصدقاء يحتفلون بميلاد صديقتهم .. جماعة صغيرة بكلمات بسيطة يقدمونها بين يدى الصديقة الغالية الطيبة الحبيبة ... ضحكات صافية تغلف الجماعة بروح من السلام .. نتناسى ما خلفناه ورائنا على عتبات الحياة من مشاكل .. هاربين من الباب الخلفى للدنيا الى الصالة المظلمة .. نختبىء .. نبكى .. نضحك .. نخرج من باب خلفى آخر شارعين فى مزيد من الهرب .. نجلس .. نأكل .. نتحدث .. نضحك .. نحتفل .. و تتسلل الينا الحياة برغمنا من الباب الخلفى لعقولنا .. فتنضح هموما وافكاراً من بين الضحكات المسروقة
د
د الأحد: د
د
د تحملنا الحياة قسراً ما بين ابواب و بوابات كثيرة دخولاً و خروجاً بغير ترتيب منا او انتظار .. حملتنا من عالم الرحمة الواسع عبر باب ضيق تصعّدت منه روحنا لنخرج الى وجهها - الدنيا - المجهول .. و تمر بنا ايامها و سنينها فتحملنا بين ابواب مدرسة الصغار و الكبار .. بين بوابات الجامعة و العالم الواسع الغامض النهايات و المترامى الأطراف .. بين باب الرزق و باب مصدره نسعى محملين بالآمال العريضة و الطموحات الكبيرة ... باذلين كل ما نملك من طاقة و جهد ... د
د
قد ترد - الدنيا - باباً فى وجهنا .. و لكنها - برحمة أمّ صارمة - تفتح فى مقابله باب آخر .. قد يكون أصغر أو أضيق من ما سبق و أغلقته على احلام موؤدة .. قد يكون باب مؤقت .. و لكن يكفينا - مؤقتا - ان هناك بصيص من أمل و انفراجة
د
د الاثنين:د
د
د يحل الملل - شقيق الدنيا - ضيفا ثقيلا على وجودك و كل ما حولك .. سخيفا سمجا .. يذكرك بما حملت يوما من خطط و احلام تنكيلا بك وبما آل اليه حالك .. تستعذ بالله .. تجتر مخزونك من الصبر و الرضا بما قدره الله .. تستزيد من اليقين الذى لا تحمل سواه فى قلبك/يدك/جيبك/فمك/عيونك و روحك ليكون سندك فى مواجهة الحرب الصبيانية اليومية للدنيا و اشقائها
د
د الثلاثاء:د
د
د تستزيد المعارك من دمك الذى يحمل لها مزيدا من طاقة تزيدها عزما و تفوقا عليك ... تجلس هامدا معدوم الحيلة فى نهاية المعركة اليومية .. يائسا مستسلما .. فتلمسك يد القادر الرحيم بغشاوة من رحمة و سَكينة تحملهما اليك ابتسامة صديق مخبّرا بانباء مفرحات .. فتنسى جروح الطعنات .. القديم منها و الجديد .. و يبدو لك و كأن الجديد منها قد توقف عن النزف .. تسعد و تلمح فى الأفق - من جديد - بصيص امل وانفراجة .. تتجسد على ملامحك فى شكل ابتسامة و تسرى فى شرايينك عودة للروح
د
د الأربعاء:د
د
د تتلقى زيارة من شقيق الدنيا الآخر .. التغيير ..د
د
بلّى .. لا تعجب من ان يكون كلاً من الملل و التغيير شقيقان لدنيا واحدة .. بل فى ظنى أنهما توأم، ولكنهما يخفيان تلك الحقيقة .. ربما خوفا من حسد قد يؤثر على ادائهما و على أثرهما فى نفوسنا و حيواتنا بحملهم كل شىء الى تغير وانقضاء ... د
د
و كضيف فاهم لأصول الزيارة ياتى حاملا هدية .. لا تفرح .. ليست كل الهدايا بجميلة ولا مفرحة .. هى بالأحرى تذكار .. لتضعه نصب عينيك فتظل ذاكرا متذكرا لحقيقة ان كل شىء الى تغير و انقضاء .. د
د
تذكار بسيط .. يكاد يكون تافها .. لا يحمل مغزى ما سوى الرسالة الخفية التى يقصدها التغيير القادم على مهل و اصرار .. ان كل شىء الى تغير وانقضاء ... د
د
يقبع امام عينيك .. مستجلبا كل ما مر عليك من" تذكارات" و مواقف مشابهة كانت يوما منذرة ثم صارت مؤكدة للحقيقة المتكررة " إن كل شىء الى تغير و انقضاء" ... د
د
تذكر كل من مروا .. كل ما مر معهم و بهم .. كل الأماكن .. كل الحكايات .. كل ما فات .. تتصور كل ما هو "الآن" و سيصير بعد قليل "كان" .. و لا يسعك الا ان تتنهد و تردد فى صمت مغلوب على أمره: د
د د"كل شىء الى تغير وانقضاء"د
د
د الخميس: .... و الجمعة والسبت
د
د مازال ينتظرك .. ينتظرنى .. ينتظرنا .. ان كان فى العمر بقية من انتظار .. قابعا فى "مستقبله" الذى سرعان ما يصير "حاضرك" - لو فى العمر مزيد من حاضر - و عاجلا متعجلا سيمضى بصفته "ماضيك" .. متحديا فى صمت كل ما قد تسول لك نفسك حمله من مشاريع أحلام/آمال/طموح/فرح او حتى تفاؤل .. محمّلا بكل صنوف المفاجآت القديمة الجديدة التى تزود بها من معلميه و آباءه الذين يتنوعون ما بين الملل والتغيير .. يحمل من ملامحهم سمات اليأس والقهر و القسوة .. و لولا شعبة من رحمة ربى على الأرض لقام ففتك بك من فوره الآن و حالا ... د
د و تعرف انك ستسير بملء ارادتك -او بدونها - نحو هذا التحدى .. مدفوعا او مختارا .. عاريا من كل سلاح الا ما تحمله - او مازلت تحمله - من يقين يملأ قلبك/يدك/جيبك/فمك/عيونك و روحك كسند ... و بصيص أمل و انفراجة فى حرب كثيرا ما خضتها من قبل ... و كثيرا ما ستخوضها من بعد ... د
د
د
د ملحوظة قد لاتكون الأخيرة من يوم الاربعاء:د
د
د تصلك من يومك هذا رسالة صغيرة تؤكد على ما وصلك من تذكار من "التغيير" .. يؤكد و يصر على ان التذكار "الرمز" قد صار الى حقيقة اكيدة جلية... كجلاء الشمس التى تتمشى الآن متسلية بشوى وجوه و عقول و نفوس البشر بالخارج .. فتبتسم لتعلن انتصار التغيير .. صارخاً بكل مافيك من صمت عاجز: د
د
د د "كل شىء الى تغير و انقضاء" د
د
د

No comments: