غالبا ما يعتاد المرء نوعاً من الهزائم من كثرة ما تعرض له .. فيصيرا الى صداقة لدودة او عداوة حميمة
د
و من السهل أن يعتاد المرء الهزيمة أمام الحياة .. و قدره بها .. بالحياة ما يسمح للمرء على التعود على ما تمنيه به من هزائم .. تمنحه و تمنعه .. تؤتيه و تحجبه .. تنهزم مرة فتعاود المحاولة فى معركة أخرى لعلها تحمل لك من غنائم الحياة ما يعطيك أملا - مؤقتاً - و قدرة على مواصلة النزال المحتدم .. د
د
تنهزم مرة أخرى .. فتقنع نفسك أن هذا ما هو الا درس لك كى تتعلم من خطأ ارتكبته على ألا تكرره فى المعركة القادمة و الأدهى انك تبدأ فى اقناع نفسك بامكانية الفوز ان تجنبت ذلك الخطأ فى المرة القادمة
د
تنهزم مرة جديدة .. فتقول .. لم يكن من نصيبى أن أفوز بتلك المعركة و كل شىء نصيب .. كما لو كانت تلك المعارك التى خسرتها او ربحتها مسبقا لم تكن نصيبا هى الأخرى!د
د
تربح معركة .. فتهلل وتشيد بانجازك .. و تتناسى أمر "النصيب" و تزهو بنفسك و بانجازك الذى أنت متأكد تماما فى قرارة نفسك انه الهدوء الذى يسبق العاصفة و انه مما لاشك فيه ستتلوه هزيمة نكراء تعود بعدها لتبكى و تذكر أمر النصيب والقدر
د
شئنا أم أبينا هى معركة .. أو للدقة معارك متوالية .. قد نربح منها بعض شىء .. ولكننا بالتأكيد نخسر منها الأكثر .. خسارتنا هى ما يجعلنا ننضج .. هى ما يكسبنا عقولنا .. او يذهبها عنا ..د
د
ولكن المرء يعتاد مثل تلك الأمور .. مثل تلك الهزائم .. سر البقاء هو قدرتنا على الاقناع ... اقناع أنفسنا بامكانية مواصلة ما سيأتى من معارك .. سر البقاء هو الأمل الذى يحدونا لمواصلة النزال عسى أن نربح المعركة القادمة
د
حقا يعتاد المرء مثل تلك الأمور و بعد عدة هزائم يصير أكثر تقبلا لها و تفهما .. أو يتعلم كيف يتذاكى على نفسه و على الحياة و يبدأ فى تمثيل دور الاقناع بأن ما هو آت سيكون أفضل بالتأكيد .. و انه بقليل من الصبر و كثير من العمل سيصل لنتيجة أفضل
د
تتذاكى على نفسك و تحتال عليها .. تخبرها بأنك اكتسب مزيد من القوة .. معاركك السابقة لم تقتلك فحتما زادتك قوة ... هكذا قالوا من سبقونا فى التذاكى و الفذلكة .. ما لا يقتلك يزيدك قوة .. فلتتفذلك مثلهم
د
تزيد فى الغيى و تراوغ نفسك أمام ما ترسله اليك الحياة من اشارات تدل وبقوة على انعدام قيمتك أمام قوة ترسانتها و جعبتها المليئة بالهزائم المعدة خصيصا من أجلك ..د
د
الهزيمة تلو الأخرى تخبر بنفسك بنبرة يلؤها الفزع و اهتزاز الثقة - او انعدامها بحسب ما مررت به من خبرات - أنك أخطأت تفسير الاشارات .. لست حقا بتافه .. و لا معدوم الحيلة .. و أنه حتما و لابد أن يكون هناك ميدان لا يسهل فيه الاستغناء عنك و التضحية بك و كانك شاه مريضة تذبح رأفة بها و ليس باعتبارها أضحية ...د
د
تقنع نفسك ان من تركوك فجأة وسط خضم الحياة و كنت قد عددتهم أصدقاء وأحباء هم الخاسرون .. تقنع نفسك ان من أحبط بداخلك موهبة و من وأد فيك حلم هو الخاسر .. هو الظالم الذى سيمنى بعقاب عزيز مقتدر ..د
د
تقنع نفسك بالتغاضى عما تحاول ان تخبرك به الحياة .. أنت لا قيمة لك .. ربما نأتى بك لنتسلى قليلا بمشاهدة محاولاتك البلهاء فى محاربة الطواحين .. أو فى العثور على الخل الوفى .. أو فى التشكيك فى ما هو على وشك أن يصير حقيقة علمية .. أنك بلا قيمة
د
تقنع نفسك ان هناك شىء ما يستحق المحاربة من أجله .. قضية .. ضمير .. مبدأ ... و لا تفهم أن تلك المعان خلقت ليحارب من اجلها ذوى القيمة .. من سيحدث فارقا فى الحياة .. لن يربح فقط معركة بلهاء .. بل سيكتب اسمه فى لوحة المجد مع الابطال الذين استطاعوا ان يحققوا لنفسهم اسم يستمر باستمرار الحياة .. يذكر من بعد فنائهم كما تذكر الحياة .. أين أنت من هؤلاء؟! د
د
و لكنك تستمر بخداع نفسك .. لابد .. لابد لك من أمل يحملك على البقاء فى ميدان المعركة و عدم الاستسلام .. و لو لفترة .. و ذلك ما تظل تقنع نفسك به جاهدا ... د
د
حتى تمل منك الحياة .. تزهد فى متابعة محاولاتك الخرقاء للاستمرار والبقاء على قيد المعركة ..د
د
قد صرت - اسمح لى - مملا سخيف مكررا باستمرارك فى التذاكى على نفسك و على الحياة و لم تعد مشاهدتك مسلية ..د
د
لم تفهم الاشارات و تصر على ان تجد لنفسك قيمة/هدف/قضية/مبدأ/ضمير لتحارب من أجله وانت أصغر من تحمل أى من هؤلاء فى قلبك الضعيف و على اكتافك التى تهدلت من كثرة النزال مع قوى لا تكافؤ بينك و بينها ..د
د
اذا لابد من وقفة .. من صفعة .. لابد من الضغط على زر الايقاف لانهاء تلك التمثيلية السخيفة التى ملت الحياة من عرضك لها!!د
د
فتكف الحياة عن ارسال الاشارات .. و تبعث لك من هو مثلك .. لا ليس مثلك .. هو شخص قد اختارته الحياة ليربح معركة على حسابك .. فيكون و لا تكون ...د
د
ببساطة يستل سيف الكلمات .. و يخبرك بأكثر الطرق تهذيباً .. و باتسامة خجلى .. و بنظرة ملؤها الفرحة بالنصر المرتقب .. النصر الذى سيبنى على أشلائك الممزقة تحت سنابك خيل انتصاره فى معركته ... د
د
يخبرك صراحة .. واضعا نهاية لتمثيليتك البلهاء .. لمحاولاتك الخرقاء فى اقتناص فوز ليس للتافهين امثالك الحصول عليه ..د
د
بلا علامات و لامقدمات .. يقول .. "لقد خسرت هذه المعركة .. لم يكن عليك الدخول فيها من الاصل .. انت لا تملك ما يكفى من القوة ولا الحيلة .. و لهذا قرر الجيش البشرى التنازل والاستغناء عن خدماتك حيث لا يمكننا تحمل مزيد من التافهين عدماء القيمة" د
د
تبقى مكانك ذاهلا محدقاً فى الوجه الذى يجاهد ليحافظ على ملامح متعاطفة متأسية بما حمله لك اللسان من أنباء قاتلة .. قاتلة لروحك و لاحلامك و لقدرتك على مواصلة النزال ...د
د
تبحث عن كلمات تتيح لك مزيدا من التذاكى .. فتعجز عن لفظها أمام نظرة شمتى .. تتفرسك و تفترسك تلذذا بانتصار جميل على روحك ..د
د
تبكى .. فيأتى بكاؤك قطرات من ألم بلا دمع تصحبه شهقات احتضار ... د
د
تفكر فى قيمة مثل ذلك الانتصار ان كان انتصارا على من لا قيمة له .. فتدرك انك اعترفت بانك بلا قيمة .. فتغص بذلك الاعتراف ..د
د
أن يعتاد المرء على هزائم الحياة .. أمر طبيعى .. تلك هى الحياة .. د
د
لكن أن تأتيه الهزيمة معلنة مشهرة على لسان بشرى آخر .. دون التوارى خلف علامات و تلميحات .. فتلك قسوة لا قبل له بها ..د
د
قسوة تسرى فى دمه و فى اعصابه كسم زعاف .. يشل .. يقتل ببطء .. د
د
يشل الأفكار .. يُعجز الكلمات .. يذبح الأمل .. فتموت الروح .. فتهيم على وجهك خالى الروح والأفكار ... فلا أنت مت شهيداً فى نزالك الذى حاولت أن يكون عادلا لتحفظ كرامتك .. ولا انت بقيت على قيد المعركة ..د
د
أن أهزم على يد الحياة .. أمر طبيعى معتاد ..د
د
لكن أن تعلن هزيمتى على ملأ من نفسى و من أفكارى و من أحلامى .. فأين المفر؟!د
د
قتلت غدرا و ليس استشهادا فى معركة محسومة منذ البداية .. حسمتها أنا نفسى يوم ظننت أن لنفسى قيمة فى ميدان الحياة
د
واجهتنى هزيمتى صراحة فهزمت روحى .. و حولتنى رماداً ..د
د
د
إنا لله و إنا اليه راجعون
د
د
3 comments:
أفهم من التدوينة دى إنها منطبقة على الزملكاوية؟؟؟ :)
مش عارف أقولك ايه بصراحة
بس عموما لولا أنكسار الهزيمة
ما عرفنا فرحة النجاح و النصر
بس بصراحة وجهة نظرى
أنا حاسس أنك منتصرة دايماً
صمودك فى حد ذاته انتصار
كل سنة و انتى طيبة
ذكرتيني بهزائمي المريرة في معاركي الكثيرة وكل مرة هربت فيها كي أخوض معركة جديدة متسلحا بهزيمة قديمة وعزيمة الهزيمة
والله مش أي كلام
عموما تحياتي
Eric Matt
Post a Comment